عشر همسات للشباب بعد رمضان
عبد الرحمن السيد
الهمسة الأولى: احمد الله I أن مَنَّ عليك ووفقك لصيام هذا الشهر المبارك وقيامه؛ فكثير ممن نعرفهم قد وافاهم الأجل قبل إكمال هذا الشهر العظيم.
الهمسة الثانية: أعزِّي نفسي وإياك برحيل هذا الشهر الكريم، الذي طالما تلذذ بعبادته المتلذذون، واستنار بطاعاته الصائمون والمتهجدون.. آهٍ على رحيلك يا رمضان.. كم حصلت فيك من طاعات! وكم بُذِل في أيامك من حسنات! كم من نفوسٍ تابت! وإلى الخير أقبلت وتنادت! وعن الشر أحجمت وأنابت! كم من أشخاصٍ لربهم خضعوا! وعن الشر أقبلوا ورجعوا! فلله درُّك يا رمضان!!
الهمسة الثالثة: إن كنت ممن أحسن استقبال هذا الشهر الكريم، فأهنيك بالقرب من الرحمن، والفوز بأعالي الجنان، والحصول على الثواب من الملك الديان.. أهنيك بجنة غالية، ومنزلة عالية، وتجارة رابحة.. أهنيك بمغفرة الذنوب، والثناء عند علام الغيوب.. فأبشر بالخير أيها الصائم القانت؛ فإن الأعمال قد كُتِبت.. والجوائز قد وُزِّعت.. أبشر؛ فإن ربك كريمٌ منان، يجازي بالعمل القليل، ويعفو عن الزلل الكثير.
الهمسة الرابعة: أخي الغالي، لا تكن ممن تتوقف عبادته عند انتهاء رمضان، وتنقطع علاقته بربه بعد رحيل هذا الشهر المبارك، بل ليكن رمضان بداية الانطلاق إلى محطات الطاعات، وجني الحسنات، فإن كنت ممن ختم القرآن عدة مرات في رمضان، فما المانع أن تختمه ولو مرة واحدة كل شهر بعد رحيل رمضان.
فوصيتي إليك بالمواظبة على الطاعة في رمضان وغيره من سائر الشهور والأيام، وكما قيل: كن ربانيًّا ولا تكن رمضانيًّا.
الهمسة الخامسة: أخي -يا رعاك الله- أخبَرَ السلف أن من علامات قبول الطاعة: فعل الطاعة بعدها. فانظر لنفسك كيف هي بعد رمضان؟ فإن كانت للخير مقبلة، وعن الشر محجمة ومدبرة، فاهنأ بقبول العمل إن شاء الله، وداومْ على ذلك، واستمر على تلك الطاعات ولو بفعل القليل منها؛ فقليل دائم خير من كثير منقطع.. أسأل الله لك الثبات.
الهمسة السادسة: كان سلفنا الصالح -رضوان الله عليهم- إذا خرج رمضان يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم صيام رمضان وقيامه.. فهلاَّ اقتديت بهم؛ فدعاء الله I والتضرع إليه من أعظم أنواع القَبول.. فتضرَّع إلى الله.. وانكسِر بين يديه.. وأكثر من سؤاله؛ فإن الدعاء باب عظيم غفَل عنه الكثيرون.
الهمسة السابعة: إن من أعظم قبول الأعمال، وأوكد الحصول على ثواب الطاعات.. هو ابتغاء وجه الله تعالى، والذي هو (الإخلاص)؛ فالإخلاص سبب كل خير، وأساس نجاح كلِّ عمل، فجاهدْ نفسك على ذلك، تفزْ بسعادة الدنيا والآخرة.
الهمسة الثامنة: أخي المبارك، احرص على كثرة النوافل بعد رمضان، وهي أحب شيء إلى الله بعد الفرائض، ومن الأسباب الجالبة لرضوان الله .. ومن ذلك: صيام الاثنين والخميس، وركعتا الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وغيرها من القُرُبات، فداومْ عليها.
الهمسة التاسعة: ليكن لك سهمٌ في الدعوة إلى الله I، وتعليم الناس الخير ولو بالدلالة عليه.. واحرص على أن تكون من ينال شرف مهنة الأنبياء والمرسلين، وعليك بالرفق والحلم؛ فإنهما زادك بعد الله في طريق السير إلى الإصلاح.
الهمسة الأخيرة: أخي الغالي، احرص على صحبة من إذا أتيتهم أعانوك، وإلى الخير قرّبوك، وعن الشر أبعدوك.. احرص على صحبة الأخيار؛ فإنهم عونٌ لك بعد الله، وتذكر قول الباري جل وعلا: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُم} [الكهف: 28].
والله يتولاك، وبرحمته يغشاك.