قبل أكثر من شهر ونصف الشهر على موعد ولادته، تغيّر اسم المسلسل الرمضاني "دعوة مقاوم"، فغدا "ملح التراب". تدور أحداثه خلال حقبة التسعينات، أيام احتلال إسرائيل لجنوب لبنان، مما دفع إلى ولادة مقاومة ضد المحتل.
ولأن الفن لغة انسانية مشتركة لا تعترف بحدود ولا حواجز، قرر "مركز بيروت الدولي" للانتاج متابعة مسيرته في توظيف الفن لخدمة المقاومة بمسلسلي "الغالبون" و"قيامة البنادق". الكاتب جبران ضاهر فتح شراع القارب في اتجاه الجنوب ووجّه البوصلة في اتجاه جديد لدراما المقاومة، مضيفاً العناصر الوطنية والانسانية والعاطفية إلى جانب القتال على الجبهات، ليقدّمه في اسلوب درامي محبوك كـ"لعبة الشطرنج".
يحمل المسلسل توقيع المخرج السوري أيّاد نحاس وسيعرض عبر شاشة "المنار"، بمشاركة نحو 200 ممثل سوري ولبناني، منهم مديحة كنيفاتي، عمار شلق، دياموند بوعبود، كارول عبود، حسان مراد، سعد مينا، شدي زيدان، سليم علاء الدين وغيرهم.
يعبّر "ملح التراب" عن جوّ الوطن وبيئة الجنوب المقاوم. قصة نسجها وألفها ضاهر، ويعتبرها منعطفاً جديداً يتناول مفهوم المقاومة في صورة إنسانية، عاطفية وطنية، ويقول لـ"النهار": "اعتمدت في أسس القصة الخروج من دائرة المقاومة بوصفها ظاهرة تنبع من الفقر. هذه المرة سيكون المقاومون من أثرياء العائلات الجنوبية الذين يموّلون ويقاتلون المحتل ويؤكدون أن المقاوم لا ينقصه أي شيء، وإن دمر الإسرائيليون منزله يستثمر امواله في إعادة بناء ما دّمر ويؤكد لهم التشبت في ارض الوطن وترابه".
ركز ضاهر في قصته الإنسانية على "الأم الجنوبية"، وتوصّل إلى نتيجة مفادها أن "أساس المقاوم الأم التي تسهم في انطلاقته"، ويلفت إلى أن "العديد من المقاومين دفنوا لدى أمهاتهم أسراراً لا يعلمها سوى الله".
إنه العمل الأول لضاهر عن المقاومة والجنوب، ويعلق على ذلك: "كيف لي أن أتحدر من بلدة جنوبية ولا يكون في رصيدي عمل فني يعبّر عن تقديري لأهل الجنوب"، مشيراً إلى أن "هذا المسلسل يترجم اقتناعاتي ومواقفي التي تصب في خانة الوطن وليس السياسة". ضاهر يدرك جيداً الأوضاع اللبنانية وحال الانقسام لهذا يتمنى "عدم تسييس الفن"، ويقول: "استندت في المسلسل الذي كتبته على أبحاث راعيت فيها الظروف".
"ملح التراب" عمل صعب بالنسبة إلى ضاهر، خصوصاً لجهة انتقاء ممثلين في عمر 25 عاماً لتقديم أدوار جهادية تتطلب مهارات جسدية وتمثيلية صعبة جداً وخبرة قتالية، مهمة تولاها "مركز بيروت".
عشرون يوماً للانتهاء من تصوير هذا العمل الذي قدرت تكلفته بنحو مليوني دولار، ورغم تركيزه على الشق الانساني إلا أن المسلسل لا يخلو من المعارك القتالية الشرسة، عرّضت الممثلين إلى رضوض.