الحمل المتكرر دون تنظيم يهدد «أنوثة المرأة».. والزوج لا يبالي!
تعددت بعض مظاهر العنف الأسري وانتشرت؛ وكان للعنف الصحي مظهر بارز من خلال إجبار الزوجة وإرهاقها بكثرة الحمل والولادة، وعدم الأخذ بسياسة تنظيم النسل وربطه أحياناً بالطلاق الأمر الذي يعكس وضعاً نفسياً على المرأة من ناحية، وإجهاداً بدنياً من خلال متاعب الحمل، أو بسبب أوضاع التربية والمتابعة الصحية للأبناء، وكل هذا يؤكد على العنف الموجه للمرأة من قبل بعض الأزواج، والطب يؤكد المضار الكبيرة الحاصلة من الحمل المتكرر دون تنظيم على صحة المرأة في ظل إهمال نفسها وزوجها وانشغالها المشتت بأبنائها.
"الرياض" التقت بعدد من السيدات اللاتي عانين من ذلك العنف وكيف تعاملن معه وكان لنا هذا التحقيق.
إصرار الزوج
تقول "هند" لدي أربعة من الأبناء ومازال زوجي يجبرني على عدم استخدام أي مانع للحمل؛ بالرغم من تلف صحتي، حيث طلبت الطبيبة مني عدم الحمل؛ خاصة هذا الوقت، فأنا أعاني من أنيميا شديدة بالدم مع تفتت لأسناني وألمها الكبير، ومع ذالك لم يرحمني زوجي؛ وعندما وجد لدي حبوب منع للحمل دون علمه غضب كثيراً وهددني بالطلاق إن تناولتها مرة أخرى.
وتضيف "مريم أم خالد" أنه على الرغم من كون زوجي رجلا مثقفا ذا تعليم عال، إلا انه يرفض مسألة تنظيم النسل رفضا باتاً؛ فهو يحب الأبناء كثيراً، ويسعى لتكوين أسرة كبيرة؛ فكنت خلال العام والنصف أحمل في عنقي طفلين رضيعين وما يتسببه ذلك من التعب النفسي والصحي بوجود أطفال بهذا العمر، إضافة إلى أبنائي الآخرين الذين هم بحاجة إلى التربية والتوجيه، وناقشته كثيراً وبعد أن أنهكت صحياً وبدأ وزني بالزيادات المفرطة وتدخل والدتي للحديث معه اقتنع بالتنظيم إلى أن استرد عافيتي.
حمل جديد بعد النفاس!
وتقول "سحر" لقد عجزت كثيراً عن إقناع زوجي ووقف موضوعنا على الطلاق؛ فهو لايرضى بتناولي أي مانع للحمل حتى وإن كان لفترة قصيرة فلدي من الأبناء اثنان وارغب بالاهتمام بهما وإعطائهما حقهما كاملاً في التربية والحنان؛ وأيضاً إعطاء نفسي فرصة للاهتمام بصحتي ورشاقتي وهو لا يرضى إلا أن أحمل مباشرة بعد الأربعين يوماً!، وكأنني بلا إحساس، ولذا اشعر كثيرا بأنه لا يهتم لأمري فقط يريد الأطفال بدون مراعاة لصحتي ونفسيتي؛ خاصة أني أنجبت مرتين "قيصري" وتقول الطبيب أن الحمل المتكرر له مضار كثيرة وهو يعلم بذلك.
أمراض متعددة
وتقول "نوف السالم" لقد اخبرني زوجي منذ بداية زواجنا انه يرفض تنظيم الحمل في حين كنت مؤيدة له، ولكن بعد حملي الأول ارتفع لدي معدل السكر في الدم ونصحتني الطبيبة بتأخير الحمل إلى أن يعتدل مستواه، ولكني سرعان ما حملت بابني الآخر تحت ضغط زوجي لي معللاً بأن أمهاتنا سابقاً لم يكن لديهن هذه الأمراض مع تكرارهن للحمل مباشرة بعد الأربعين، والحمد لله لم اصب بشيء وتم حملي وإنجابي على خير، وهكذا إلى أن حملت بطفلي الثامن ولكن هذه المرة ثبت لدي معدل السكر في الدم وأصبحت أخذ ابر البنسلين يوميا، ولا يخفيكم الإرهاق الحاصل من تربيه أبناء بأعمار متقاربة لدرجة أني أصبحت لا أخرج من المنزل إلا نادرا من كثرة انشغالي بهم وحرصا مني على عدم إزعاجهم للغير والآن أعض أصابعي ندما على مجازفتي وسماعي لكلام زوجي والذي لم يهتم بمرضي بل أصبح يفكر بأخرى.
وتضيف "ريم سالم" كثيرا ما يهددني زوجي بالزواج من أخرى في حال فكرت بتنظيم النسل فهو دائما ما يدندن على مسامعي قوله: إن رغبت بتنظيم الحمل سأتزوج من أخرى ولا تلوميني وانا الآن بين نارين صحتي التي ضعفت وبين تهديد زوجي.
الهدايا مقابل الانجاب!
وتشير "سعاد" إلى أن زوجي يغريني بكثرة الهدايا الثمينة في مقابل عدم اعتراضي على الإنجاب، واخذ ما ينظم الحمل فهو حريص على وجود خادمة في بيتنا تساعدني في تولي شؤون المنزل والاهتمام بالأطفال، ولكن مع هذا كله أتمنى لو استطعت فعلاً أن أقنعه بتنظيم النسل كي استطيع إعطاء بيتي وأبنائي وزوجي حقوقهم.
نصيحة طبية
والتقينا مع طبيبة النساء والولادة د. سناء صالح، التي قالت: يستنفد الحمل المتكرر طاقة المرأة الجسدية والنفسية والمادية كما يؤثر على صحة الطفل ورعايته وتربيته وعلى الأسرة والمجتمع؛ فمن الأضرار الصحية على الأم افتقادها نسبه كبيرة من الكالسيوم، بما يؤدي إلى الاصابة بهشاشة العظام وضعف وآلام الظهر والحوض إضافة إلى إصابتها بالأنيميا وقد يعرضها الحمل المتكرر للعديد من الامراض التناسلية مثل سقوط الرحم والتهابات عنق الرحم، كما يؤدي إلى نزيف وتسمم الحمل وأحيانا إلى حمى النفاس.
وأضافت أن تقارب الولادات يجعل الأم عاجزة عن رعاية زوجها وبيتها وأولادها ويجعلها غير قادرة على العناية بنفسها وصحتها لانشغالها بأكثر من شيء في وقت واحد، وأضرار الحمل المتكرر لا تقتصر على الأم فقط، بل أيضا على صحة المولود فيؤدي إلى إنجاب طفل ضعيف أو ناقص الوزن أو مصاب بالأمراض، إضافة إلى انه قد يتعرض الطفل للمخاطر أثناء الولادة من خلال الحمل المتعسر نتيجة تكرار الحمل وعدم التنظيم، وعدم كفاية الطفل من الرعاية والاهتمام والحنان وأيضا لم يسلم استقرار الأسرة من نتائج الحمل المتكرر فمنها زيادة الخلافات الزوجية بسبب ازدحام البيت ونقص احتياجات الاسرة ولا سيما تعليم الأطفال وتقليل نصيب الفرد داخل الاسرة من الغذاء والرعاية الصحية، فيؤثر على سلوكيات الفرد لأن العوز قد يدفع إلى الانحراف الإجرامي مستقبلاً.