لا مجال للمناقشة بأن أوروبا هي قبلة العالم الكروية حيث أن أنها تحوي أقوى الدوريات وأهم اللاعبين وتصرف فيها الملايين على النقل التلفزيوني والبحوث العلمية المتعلقة بكرة القدم. لكن على مستوى المنتخبات الأوروبية وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بكأس العالم فإن أوروبا تعاني من ظاهرة "غير صحية".
الظاهرة تتمثل في عدم التجدد في الفرق التي تتأهل الى كأس العالم من قارة أوروبا مقارنة بالقارات الاخرى بالرغم من امتلاك أوروبا لأكبر حصة من المقاعد في كأس العالم. فمنذ زيادة عدد المنتخبات الى أربعة وعشرين منتخباً في العام 1982 أي منذ تسع دورات فقد امتلكت أوروبا بين 12 و 14 مقعداً في كأس العالم مهيمنة على الأغلبية العظمى من المقاعد في كل دورات كأس العالم بفضل الأسباب التي ذكرت سابقاً. لكن اذا ما اعتمدنا على المعادلة التالية لمقارنة نسبة التجدد في المنتخبات المتأهلة من كل قارة الى كأس العالم:
نسبة التجدد لكل قارة = عدد المقاعد المتاحة للقارة منذ عام 1982 / عدد الفرق المختلفة التي مثلت القارة في كأس العالم
أي أنه في الحالة "المثالية" يجب أن تكون هذه النسبة مساوية الى واحد أي أن كل مقعد متاح للقارة شغره منتخب مختلف, وبالحالة المعاكسة إن تأهلت نفس المنتخبات من القارة كل سنة فإن هذه النسبة ستكون عالية.
بتطبيق المعادلة السابقة على احصائيات تصفيات كأس العالم من العام 1982 وحتى اليوم سنجد أن أوروبا تملك أعلى معدل بين كل القارات, حيث شغر ثلاثة وثلاثين منتخباً فقط المقاعد المائة والأربع عشرون التي كانت متاحة لأوروبا (باستثناء المقاعد التلقائية كبطل كأس العالم والبلد المضيف) أي بمعدل تجدد 3.758. أي بمعنى اخر أن كل منتخب من المنتخبات الثلاثة والثلاثين شغر أربعة مقاعد تقريباً أي أربع نهائيات كأس العالم. بينما كانت القارة الأقرب لها هي أميركا الجنوبية بمعدل 3.5, تليها اسيا وأفريقيا (2.95 و 2.7 على التوالي) بينما كانت تصفيات أميركا الشمالية والوسطى الأكثر تنافسية بمعدل 2.5.
مما يعني أن الموضوع ليس مرتبطاً بعدد المقاعد لأن اتحاد الكونكاكاف هو صاحب أقل عدد من المقاعد في كأس العالم (باستثناء اوقيانوسيا التي تم دمجها مع اسيا في هذه الدراسة). اذا ما هو السبب الذي أدى الى هذه الدراسة. ربما يكون السبب المباشر هو نظام التصفيات الأوروبية حيث أن الفكرة العامة التي لا تتغير هي تقسيم المنتخبات الى مجموعات تتألف من حوالي خمس الى ست فرق يتأهل منها الأول مباشرة بينما يصل الثاني الى الملحق مع بعض التعديلات الطفيفة في النظام على مر السنين. هذا النظام مصمم لتجنيب المنتخبات الكبرى مواجهة بعضها البعض الا أنه سبب الضرر الكبير لمنتخبات "الصف الثالث" التي لا تحلم بالتأكيد باحتلال المركز الأول ولكنها أيضاً تعاني الأمرين للوصول الى المركز الثاني. حيث تجد المنتخبات نفسها مضطرة الى انتظار "هدية سماوية" تجعلها تسقط في مجموعة لا تحوي منتخباً عملاقاً وبالتالي يصبح بإمكانها ان تحلم بالوصول الى الملحق.
قد يكون لتوسيع الملحق الأوروبي ليشمل المنتخبات التي تحتل المركز الثاني والثالث أثر ايجابي على المنتخبات المتوسطة المستوى أو ربما قد يكون زيادة عدد المجموعات أثر ايجابي اذ أن ذلك سيولد مجموعات متوازنة أكثر. كل ذلك مع اعتبار أن المنتخبات الكبرى لن ترضى بإلغاء فكرة التصنيف المسبق للمنتخبات بحسب تصنيف الفيفا أو أي وسيلة اخرى لأن ذلك قد يعرضها لخطر مواجهة بعضها البعض, لكن ان أردت ان تربح كأس العالم عليك أن تتغلب على اقوى المنافسين بدءاً بالتصفيات.
القارة | عدد المقاعد | عدد المنتخبات المختلفة | عامل التجدد |
اوروبا | 124 | 33 | 3.75 |
اميركا الجنوبية | 35 | 10 | 3.5 |
اسيا | 29.5 | 10 | 2.95 |
افريقيا | 35 | 13 | 2.69 |
اميركا الوسطى والشمالية | 23.25 | 9 | 2.58 |