موضوع كثير ما جال فى ذهني واخذ وقت طويل للتفكر فيه وحال شباب امتنا الاسلامية وشبابها الضائع الذي اصبح فارغ القلب والوقت …اصبحت ثقافته اعلامية بحتة…..يرفض العيش فى الواقع معلنا رحيله الى ارض الاحلام …فيمضي العمر دون تفكر وتدبر دون ان يكون لهذا الدين جزء من حياته ….ينظر للاخرين بعين التخلّف وعدم وعيهم للامور …لانه انسان حالم رومانسي ….ينظر الى الدين على انه تعصب وفيه حدود للحرية ..فيقوقع نفسه ضمن دائرة الحب والهيام…ناسيا ….ان الدين الاسلامي هو منبع الحب والرومانسية …
لذا لا بد ان يكون هناك تعريف للرومانسيه لتجلو معانيها من كل الاوهام الزائفة .
….كلمة رومانسية تحوي على كثير من المعاني وما يفهمه الناس منها هي المغامرة والخيال والعيش على ارض الاحلام …..
انما ليس لها اصل فى القاموس الشرعي
فالمصطلح البديل للرومانسية فى الاسلام هو المودة والرحمة ..
ولنا فى رسولنا الكريم اسوة حسنة وقدوة نقتدي به فى حياتنا فلقد كان ارحم الناس واكثرهم مودة فى اعماله وافعاله مما يدل على ان رومانسيته كما عرفناها بالمفهوم الشرعي تدل على هذا …وعلاقته الراقية مع زوجاته .
فالرومانسية بمفهوم الناس اليوم اصبحت تعرف بمصطلح يتنافى مع عقيدتنا وديننا وهو محصور بتصرفات وافعال لا تمّت الى ديننا بشيء وللاعلام تأثير كبير على عقول الناس فصوّر لهم الرومانسية من خلال المسلسلات والافلام الهابطة والوردة الحمراء وكلمات الغزل المتواصل .
من هذا المنطلق ضاع الدين وجعل المجتمع يستبدل الرومانسية الشرعية بمصطلح غربي مادي .
فالانسان الرومانسي هو الاكثر جديّة فى تناول الامور واكثر رحمة فى تعاطيه مع الناس فلا ينظر الى ظواهر الامور ..انما يأخذ الاموربعمق وتدبر
فالبعض يقول انا رومانسي بتعريفه الشخصي فتراه عندما يعود مساءا الى بيته يحمل وردة حمراء الى زوجته بينما يكون فى الصباح قد جاءه سائل فكان غليظ القلب شديد الرد …عديم الود له .
لذا نجد مفهوم الرومانسية فى الاسلام اوسع واجلّ وخاصة فى العلاقات الزوجية الاسرية,والعلاقات بين الاسرة والاولاد, والداعية والمدعو فكلها تنحصر بمفهوم واحد الا وهو رومانسية المسلم .
فالمثال الذي نقتدي به بين علاقة الرجل والمرأة هو علاقة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مع زوجاته فكانت مبنية على مودة ورحمة ورقي تعامل لم يعهده انسان على مر العصور ..فكانت علاقته مع زوجته الاكثر رومانسية ومودة لها
ولحديث قرأته ان السيدة عائشة رضى الله عنها كانت تشرب من اناء فأخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وسألها من اى موضع شربت فشربمكان الاثر الذي تركته . هنا نجد سمو فى الرحمة والمودة والصلة الزوجية التى تبنى على كل هذا الحب
فالرومانسية الحقيقية كما رأها الله سبحانه وتعالى الذي يوصلك مع من تحب الى الجنّة
فمن اجمل علاقات الرحمة والمودة ما كان فى زمن الصحابة رضى الله عنهم كانت رومانسيتهم عمق فى العلاقات, خلق, رحمة, سلوك يومي .
وهذا علي رضي الله عنه دخل على زوجته فاطمة فوجدها تستاك فقال لها "حظيت يا عود الاراك بثغرها "
قمةالحب تلك الكلمات مودة…. استوقفتني طويلا فكم مر من زمن ودهر لم اسمع اجمل وأرق من تلك العبارة الغزليه التى قالها رضي الله عنه …هذة هي رومانسية المسلم
ففلسفة الحب فى الاسلام هي بحث عن ماهية شعور الانسان اوجده الله ليحيا بها حياته
وكما ذكرت فان الرومانسية هي مودة ورحمة لان الرحمة اسمى الصفات للنفس وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رغم قوة شخصيته وهيبة الناس له ومنه ووقاره كان من اشد الناس رحمة فكان اذا شدّ أذن الدّابه يشد أذنه ليشعر بما تشعر …وهذا عمر بن الخطاب… فهل نحن شيء يذكر امامه!!!!
لذا علينا ان ندرك الامور ….ومفهومنا للرومانسية لا بد ان يتغير من مفهوم غربي مادي الى مفهوم شرعي .وواقعي…
نعم هناك من يشتكي من الازواج بعدم اظهار المودة للطرف الاخر وللحقيقة هذا له تفسير محدد ان لا رحمة فى قلبه …لانه لم يأخذ رسول الله له قدوة فى تعامله ولم يتبع سنته التى حدث عليها …حتى فى الرومانسية
وتتجلى الرومانسية فى شتى امور الحياة حتى فى الدعوة
اما الرومانسية فى حياة الداعية لا بد ان يبنى على المفردات الاولى لدعوته وهي الاخلاص والعلم والرحمة فى التعامل لقوله جل وعلا "وما ارسلناك الا رحمة للعالمين "وهنا حديث قرأته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من اروع ما استدل بالرحمة "انه صلى الله عليه وسلم مرت بقربه جنازة ليهودي فبكى فاستغرب الصحابة رضوان الله عليهم وسألوه اتبكي على اليهودي؟؟؟فقال "ابكي على نفس أفلتت منى فى النار "
الله اكبر …وهل هناك اكثر من هذة الرحمة فى قلب محمد صلى الله عليه وسلم بأبي انت وامي يا رسول الله
فأعلم ايها الداعي انك اجير عند الله فالدعاة اجراء عنده فعليك بالرحمة والمودة وعدم النفور لذا لا تستعجلوا ايها الدعاة قطف زرعكم فلقطف الثمار مواسم ….ولو قطفته قبل وقته لوجدته مرّ …
هنا تتجلى الرحمة فى قلب المؤمن العابد المسلم ويكون فى رقي دائم فى تعامله مع من حوله …
فهذه بغيّ من اليهود دخات الجنة فى كلب سقته وتلك امرأة دخات النار فى قطة حبستها …فلنقف قليلا ونتأمل هذه الافعال …ونطبق الرحمة فى ايامنا وحياتنا
والرومانسية ليست مقتصرة على علاقة الرجل والمرأة لا بل تأخذ ابعاد اكثر بكثير …وهنا لا بد ان نعرج علىعلاقة الاسرة ببعضها فعندما نقول الاسرة يبرز لنا عامل الرحمةفى العلاقة بين الاهل والاولاد ….فكم من اهل لا تربطهم باولادهم سوى ضروريات الحياة من مأكل وملبس …دون ان يعرجوا الى العلاقة السامية فيتناسى الاب دوره الابوى تجاه ابنه بينما تغرق الام بمشاغلها الحياتية متناسية ابنتها التى تكبر وتحتاج لها ولحضنها وصداقتها … والاولاد يبتعدون عن محيط الاسرة ليعيشوا بعالم خاص بهم الم يقل عز وجل "واخفضوا لهم جناح الذل من الرحمة "فهنا تصبح العلاقة جافة ….فما عليهم الا ان يكسروا الحواجز الجامدة بينهم وليعودوا الى سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وما فيها من علاقات سامية مع اولاده ….فكان قد دخل صلى الله عليه وسلم الى بيت فاطمة رضي الله عنها فقامت وقبلته بين عينيه وعندما ذهبت الى بيته فقام وقبلها بين عينيها …هذا حال نبينا صلى الله عليه وسلم منبع الرومانسية فى علاقته الاسرية …
فالرومانسية ان لم تكن فلسفة متكاملة فى مفهومنا الشرعي الاسلامي ….تكن مشكلة فى حياتنا وتكن مغلوطة ان لم تمارس تحت مفهوم شرعي
لنرجع الى اصولنا الى منبع رسالتنا …ولتكن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم طريقنا ورسالتنا …فنقرن أفعالنا ….بسلوكنا .
ولنبني جسور حياتنا على اسس متينة لا تصدع من تضاريس الزمن ….ولتبقى قلوبنا تهفو بالحب الشرعي الا وهو الرحمة والمودة التى …تسمو بارواحنا عاليا …