بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
وبعد…
فقد عرض عليَّ مقال عن آثار الاختلاط بين الرجال والنساء ، وجلوس المرأة مع الرجال الأجانب ، ولو كانوا أقارب ، كأخوة الزوج وأزواج الأخوات ، وقد ظهر من ذلك المقال ما يدل على تحريم هذا الاختلاط والمجالسة ، رغم تستر المرأة وتغطية الوجه والكفين والمفاتن ، فإن المرأة قد تفتتن بالرجال مع طول المجالسة ، فيعجبها بحسن مظهره ، ورشاقة محياه ، وجمال وجهه ، ولذة منطقه ، وريعان شبابه ، ونحو ذلك ، فيتعلق قلبها ولبابها وتحبه محبة شهوة وتنشغل به في حياتها ، وتتصوره دائمًا في مخيلتها وتتحدث بجماله وحسنه سرًا وجهرًا ، وتزهد في زوجها ولو كان جميلاً ، حسن الأخلاق ، ولكن تعلقها بالآخر يسبب صدودها عن الزوج ، وكفرها للعشير ، وجحدها للإحسان ، ومعاملة الزوج بأسوء المعاملات وإظهارها لبغضه ومقته ، واحتقاره ، وكل هذا نشأ عن كثرة نظرها إلى غيره من قريب أو بعيد ، وقد صح أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " إياكم والدخول على النساء " ،قيل: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ ، قال: " الحمو الموت " ، والحمو هو أخو الزوج أو قريبه ، فإن دخوله في بيت أخيه لا يستغرب ، وقد ينتج من دخوله خلوته بالزوجة ، ومخاطبته لها ، وقد يقرب الشيطان بينهما ، فتحصل الفاحشة أو قريب منها ، وقد روي أن فاطمة البتول قالت: (( خير ما للمرأة ألا ترى الرجال ولا يراها الرجال )) ، وقد توسع الناس في الاختلاط والنظر الذي يكون من أسباب الفساد ، وقد روت أم سلمة أن ابن أم مكتوم دخل عليها وعندها ميمونة بنت الحارث ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: " احتجبا منه " فقالت: أليس أعمى لا يبصرنا ، فقال: " أفعمياوان أنتما ، ألستما تبصرانه " صححه الترمذي ، ولذلك نقول لا يجوز للمرأة النظر إلى الرجال الأجانب ، ولا إلى الصور المعروضة في الشاشات والمجلات ، ولا يجوز لها التلذذ بسماع الأصوات والنغمات ، ونحو ذلك مما هو وسيلة إلى الفتنة ، فقد حصل بسبب ذلك من المفاسد والفواحش الشيء الكثير ، كما تدل على ذلك الحكايات الكثيرة عن واقع من تتساهل في الاجتماع بالرجال ، أو بالركوب وحدها مع أجنبي ، أو المكالمة الهاتفية مع الخضوع والتغنج وترقيق المقال ، مما يحصل معه التقارب وتحديد المواعيد وما وراء ذلك فالواجب على الرجال الغيرة على المحارم والتحفظ عن الاختلاط ، الذي ينتج من تعلق الرجل بامرأة أخيه أو قريبه ، أو تعلق المرأة بأحد أقاربها أو أقارب زوجها ، وتقريب الشيطان بينهما مع سهولة المواصلات والمكالمات التي يتمكن بواسطتها من إبداء ما في النفس من الحب والعشق ، والتعلق الشديد ، وما وراء ذلك. نسأل الله أن يحفظ على المسلمين أعراضهم ، وأن يرزقهم العفاف والبعد عن الفحشاء والمنكر. وصلى الله على محمد وعلى أهله وصحبه وسلم.
قاله وأملاه
عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين
7/4/1424هـ