بعد مرور نصف المونديال على الورق تجاوز عدد الأهدافالمسجلة المائة مما يجعل هذا المونديالمن أغزر المونديالات من ناحية التهديف, لكن ما هو السبب وراء هذا الكم الهائل من الأهداف هل هو اختفاء المدافعين الحقيقيين أم تحسن المستوى الهجومي للمنتخبات؟
لا يمكن لأحد أن ينكر أن اعتزال كارلوس بويول يمثل نهاية حقبة المدافعين الممتازين الذين كانت أفضل مزاياهم هي ببساطة: الدفاع. اليساندرو نيستا, فابيو كانافارو, ياب ستام, جيمي كاراغر, مارسيل ديسايي وغيرهم الكثير الكثير من المدافعين الذين مثلوا رعباً للمهاجمين لسنوات طويلة وكانت اسهاماتهم الهجومية أو قدرتهم على نقل الكرة وتوزيعها ميزة اضافية لا يمكن مقارنتها بصلابتهم الدفاعية. خلال السنوات الذهبية لهؤلاء المدافعين لم نكن نشاهد هذا الكم الهائل من الأهداف المسجلة من الكرات العرضية والثابتة ولم نكن نشاهد أخطاءً ساذجة في التمركز وسوء التغطية كما نشاهد اليوم. الجيل الحالي من المدافعين أمثال سيرجيو راموس, مات هاملز وديفيد لويز يختلفون عن اسلافهم بأمر جوهري وهو المحافظة على التركيز خلال المباراة حيث يمكننا المرور على مواسم كاملة لمدافع كباولو مالديني دون أن نجد هفوة واحدة بينما قد لا يمر شهر دون أن نشهد خطأً كارثياً لأحد المدافعين"الممتازين" هذه الأيام.
قد يبدوهذا النقد قاسياً خصوصاً في ظل تحول معظم لاعبي الوسط في العالم الى صانعي العاب هجوميين والتقدم المستمر للأظهرة في كرة القدم الحديثة وتترك مهمة المساندة الدفاعية للاعب واحد من خط الوسط من نوعية سيرجيو بوسكيتس أو جيرارد مما يترك قلبي الدفاع مكشوفين لأي هجمة مرتدة, الأمر الذي دفع بالكثير من المنتخبات والفرق الصغرى للعب على المرتدات والكرات العاليةدون أن يقابل ذلك بتركيز من المدافعين على التعامل مع هذه الكرات. كذلك فإن المواصفات المطلوبة لمركز قلب الدفاع التقليدي تغيرت بشكل جذري خلال العقد الأخيربعد ان اختفت خطة 4-4-2 وتغيرت المعطيات التي يتعامل معها المدافعون. ففي منتصف التسعينيات كان قلبي الدفاع في مواجهة دائمة مع رأسي الحربة أغلب الوقت بينما يواجه مدافعو اليوم مهاجماً واحداً وقد يكون مهاجماً وهمياً بينما يمكن لأي لاعب من خط الوسط أن يتحول الى مهاجم في لحظة واحدة, كذلك فإن دقة تمرير الكرة لم تعد إضافة يمكن الاستغناء عنها لدى المدافعين بل أصبحت مطلباً اساسياً لدى معظم المدربين حيث يمكن القول أن قلوب الدفاع تحولوا إلى لاعبي وسط متراجعين وتحول الأظهرة إلى أجنحة دفاعية. بالإضافة إلى كل ذلك فإن نوعية التدخلات التي يمكن للمدافعين القيام بها اختلفت, حيث يميل الحكام هذه الأيام إلى حماية المهاجمين بشكل مبالغ فيه مما قيد قدرة المدافعين على التدخل بفعالية.
مهما تكلمنا عن تطور كرة القدم الهجومية وصعوبة مهمة المدافعين لا يمكن انكار تراجع مستوى معظم المدافعين بشكل كبير وللتوضيح أكثر يمكن لأي منا تشكيل أحسن خط دفاع من اللاعبين الحاليين في مخيلته وتخيلهم يقومون بالتدريب الشهير الذي كان يقوم به فريق ميلان تحت قيادة أريغو ساكي: حيث كان يضع مدافعيه الأربعة (تاسوتي, باريزي, كوستاكورتا ومالديني) ومن خلفهم حارسهم جيوفاني غالي في مواجهة عشرة لاعبين مهاجمين من نوعية فان باستن, رود غوليت, دونادوني, أنشيلوتي وفرانك ريكارد وبحسب ساكي فإن فريق المهاجمين لم ينجح يوماً في التسجيل. فهل يمكنك تصور خط دفاعك المثالي يصمد في تمرين كهذا؟